عقد السيد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها يوم الاثنين فاتح دجنبر 2025، خلال زيارة عمل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، لقاءات رفيعة المستوى مع مسؤولين بكل من وزارة الخارجية الأمريكية، والبنك الدولي، ومشروع العدالة العالمية (WJP)، وكلية الحقوق بالجامعة الأمريكية، وبرنامج الحكومة المنفتحة (OGP). 

تكتسي هذه الزيارة، غير المسبوقة في طبيعتها، بُعدًا استراتيجيًا في مسار عمل الهيئة، بالنظر إلى الثقل المؤسسي للجهات المستقبِلة، ودورها المحوري في إنتاج وتطوير مجموعة من المؤشرات الدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد، وتوجيه السياسات العمومية العالمية، خصوصًا في مجالات الحكامة، والعدالة، والتحقيقات المالية، ومحاربة الفساد العابر للحدود. 

كما شكّلت الزيارة محطة لتعريف هؤلاء الشركاء الدوليين بالمجهود الوطني الذي تبذله المملكة المغربية بقيادة جلالة الملك نصره الله، في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته، عبر مسار إصلاحي تعزز بانخراطها الرسمي في المنظومة الأممية عبر المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتكرس دستوريًا سنة 2011، بالتنصيص على موقع الهيئة ضمن البناء المؤسسي للحكامة الجيدة، وإعطائها سندًا دستوريًا واضحًا داخل منظومة حماية النزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. 

وخلال هذه اللقاءات، حرص السيد بنعليلو الذي كان مرفوقا بمديري قطب التعاون الدولي والتنمية وقطب المرصد بالهيئة، على تقديم صورة مؤسساتية دقيقة عن الأدوار والاختصاصات المنوطة بالهيئة الوطنية للنزاهة، مع التوقف عند عدد من المؤشرات الإدراكية الدولية ذات الصلة، ولاسيما المؤشر الفرعي ضمن تقرير سيادة القانون لمشروع العدالة العالمية المتعلق بـ "غياب الفساد". 

وكانت زيارة هذه المؤسسات مناسبة أيضا للاطلاع المباشر على أحدث التحولات التي يعرفها مجال مكافحة الفساد دوليًا، واستيعاب رهاناته الحالية، بما يتيح للهيئة تعزيز قدراتها التحليلية والاستشرافية، ودعم رؤيتها الاستراتيجية، والانفتاح على آفاق تعاون وشراكات مؤسساتية متعددة الأطراف في ضوء المشاريع التي يشتغل عليها مرصدها. 

كما تُجسّد هذه الزيارة، في مغزاها العميق، تعبيرا مؤسساتيا واضحا عن انخراط المغرب في الجهود الدولية لمكافحة الفساد كجهة مبادرة وفاعلة ومستفيدة في الآن ذاته، وذلك في إطار تعاونٍ مستدام قائم على قناعة راسخة بكون مكافحة الفساد مشروعا وطنيا ممتد الأثر، متصلا بسياقات دوليةٍ متغيرةٍ ومتداخلة. 

وفي المحصلة، تؤكد هذه الزيارة أن المغرب يواصل حضوره في المنصات الدولية لمكافحة الفساد بروح المبادرة والشراكة، معززا بذلك موقعه ضمن ديناميات التعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد، ضمن رؤية مؤسسية تربط بين البُعد الوطني للنزاهة والامتداد الدولي للإصلاح، وتعكس التلازم بين الأولويات الوطنية والتعاون الدولي، باعتبار أن الفساد تحدٍّ لا يواجَه إلا بجهود منسقة عابرةٍ للحدود حيث التعاون الدولي رافعة أساسية لتقوية العمل الوطني.